التدقيق المحاسبي

التدقيق المحاسبي

إن التطور الكبير الذي حدث في تسيير نشاطات المؤسسة خاصة الجانب المالي و المحاسبي فيها أدى إلى ظهور وظيفة جديدة و التدقيق المحاسبي، الذي مهمته فحص و مراجعة كل العمليات المحاسبية في المؤسسة و التدقيق في مختلف المصالح المكونة لها.

التدقيق المحاسبي مهمته حماية المؤسسة من الأخطار الداخلية و الخارجية و خاصة المتعلقة بالعمليات المالية، و عليه لابد من توفر عدة شروط في المكلف بمهمة التدقيق سوف نتناولها في هذا الموضوع.

 ماهية التدقيق المحاسبي:

لقد كان لظهور الثورة الصناعية أثر كبير على الأنشطة الاقتصادية من حيث تنظيمها وعملها بحيث يظهر هذا جليا من خلال انفصال الملكية عن التسيير على خلاف ما كان سابقا وبالتالي لم يعد للمالك أي دخل في المؤسسة من ناحية تسييرها ومراقبته،بحيث جعله لا يتطلع بشكل مباشر وكافي على واقع المؤسسة الحقيقي وكذا وجهة رأس ماله المساهم به في المؤسسة، ومنه أصبح من الضروري وجود طرف ثالث آخر محايد كواسطة بينه وبين المؤسسة يطلع  من خلالها المتعاملين على حالة المؤسسة وفى نفس الوقت يقدم النصح للإدارة من أجل تصحيح الأخطاء والتلاعبات التي قد تحدث وهذا عن طريق المراجعة التي يقوم بها في المؤسسة المعنية بالاعتماد على وسائل إجراءات خاصة.

ما هو التدقيق المحاسبي؟

لغويا: معنى كلمة التدقيق لغويا هو التأكد من صحة أي عمل من الأعمال بفحصه وإعادة دراسته كم يمكن ان يسمى التدقيق بمراجعة الحسابات.

علميا: التدقيق علم يتمثل في مجموعة المبادئ و المعايير والقواعد والأساليب التي يمكن بواسطتها القيام بفحص انتقادي منظم لأنظمة الرقابة الداخلية والبيانات المسجلة في الدفاتر المحاسبة  والقوائم المالية للمؤسسة من اجل إعطاء رأي فني محايد في القوائم المالية الختامية و النتيجة السنوية سواء كانت ربحا أو خسارة و عن المركز المالي للمؤسسة في نهاية الدورة .

و منه يمكن القول أن التدقيق علم مبني على مبادئ ومعايير وقواعد متعارف عليها بين أصحاب هذه المهنة، هذه المعايير تم تطورها خلال عدة سنوات من طرف المنظمات المهنية الدولية للمحاسبة و المراجعة، كما يمكن القول إن المكلف بمهمة التدقيق لابد فيها من إتباع أساليب و طرق لتحقق الهدف و الغرض من مهمته و تقديم تقرير يتميز بالموضوعية والحياد و الاستقلال.

بصفة عامة التدقيق هو مطابقة القوائم المالية أو المحاسبية للقواعد القانونية و المعايير والإجراءات والمبادئ المتعارف عليها والجاري العمل بها .

من خلال تعريف التدقيق المحاسبي نستنتج الأساسيات التالية :

  • الفحص: و هو التأكد من صحة قياس العمليات التي تم تسجيلها وتحليلها وتبويبها؛
  • التحقيق: وهو إمكانية الحكم على صلاحية القوائم المالية كتعبير سليم لنتائج الأعمال خلال فترة معينة؛
  • التقرير: وهو بلورة نتائج الفحص والتدقيق وإثباتها بتقرير مكتوب يقدم لمستخدمي القوائم المالية.

التطور التاريخي للتدقيق:

لقد جاءت كلمة التدقيق auditing من التعبير اللاتيني audire وتعني الاستماع، حيث كان في الماضي المدقق يستمع في جلسة الاستماع العامة والتي يتم فيها قراءة الحسابات بصوت مرتفع، وبعد الجلسة يقدم المدقق تقاريره مع العلم أن عملية التسجيل كانت تتم بطريقة بدائية، وتحسنت عمليات التسجيل والتدقيق بعد تنظيم الحسابات و تطور المحاسبة.

بدأت مهنة المحاسبة والتدقيق في صورة جهود فردية للقيام ببعض العمليات بحيث لم يبرز تدقيق الحسابات إلا بعد ظهور المحاسبة لأنهما عمليتان مترابطتان لابد من وجوداهما معا، في أي نشاط ويسجل التاريخ فضل السبق لظهور مهنة المحاسبة والتدقيق لمصر حيث كان الموظفون العموميين فيها يحتفظون بسجلات لمراقبة الإيرادات وتدبير الأموال . وأن حكومتي مصر واليونان كانتا تستعينان بخدمات المحاسبين والمدققين للتأكد من صحة الحسابات العامة فكان المدقق في اليونان يستمع القيود المثبتة للدفاتر والسجلات للوقوف على صحتها وسلامتها.

تقوم الجمعية العامة أو مدير المِؤسسة بتعيين مراجع الحسابات في كل مؤسسة ذات طابع صناعي أو تجاري وذلك لتؤمن من صحة حساباتها وتحليلها للوضع الخاص بالأصول والخصوم ولمأمور أو مراجع حسابات واجبات محددة كما أن له حقوق أيضا.

في بداية الثمانينات أصبحت المؤسسة الجزائرية تطبق عملية المراجعة مع تطبيق نظام الرقابة الداخلية المحكم بالنسبة للمؤسسة الوطنية أما في سنة 2000 فالجمعيات الممولة من طرف الدولة تفرض عليهم مراقبة ومراجعة حساباتها من طرف محافظ الحسابات .
إن ظهور الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر أحدث تغيرات جذرية في عالم الصناعة والتجارة بصفة خاصة وفى مجالات الحياة بصفة عامة ، فتحول المصنع الصغير إلى مؤسسة كبيرة ذات نشاطات متنوعة ووسائل مختلفة فتعددت أشكال المؤسسات من الناحية القانونية وكذلك من ناحية النشاط فظهرت المؤسسات ذات الامتداد الإقليمي والوطني وتبعها ظهور المؤسسات المتعددة الجنسيات فكان لابد من إحالة الأمر لذوي الاختصاص من مسيرين وماليين واستلزم وجود رقابة تحمي أموال المستثمرين من تعسف المسيرين , وهو ما يفترض أن يحققه التسجيل المحاسبي السليم للعمليات في المؤسسة هنا بدأت تتجلى أهمية المراجعة داخل المؤسسات سواء كانت خارجية تتم بواسطة أفراد من خارج المؤسسة ومراجعة داخلية تتم بواسطة أفراد من داخل المؤسسة ، فأصبح المراجع بمثابة الساهر على مدى إثبات صحة ودقة وسلامة القوائم المالية والختامية ومدى إمكانية الاعتماد عليها.

فأصبحت بذلك المراجعة كيان ملموس ووجود ظاهر للعيان وأصبح لها خطورتها وأهميتها في الميدان الاقتصادي ويرجع السبب في أن المحاسبة ليست غاية بحد ذاتها بل هي وسيلة لتحديد الغاية، هدفها خدمة الأشخاص الذين يستخدمون البيانات المحاسبية ويعتمدون عليها في اتخاذ القرارات ورسم الخطط المستقبلية، ومن هؤلاء الأشخاص والمؤسسات التي يهمها عمل المراجع نجد المديرين الذين يعتمدون اعتمادا جليا وكليا على البيانات المحاسبية في وضع الخطط ومراقبة تنفيذها.

أما الفئة الثانية المستفيدة من عملية التدقيق و المراجعة هم المستثمرين الذين يعتمدون على القوائم المالية (الحسابات الختامية) وما فيها من بيانات والتي تقدمها المشروعات المختلفة قبل اتخاذ أي قرار بتوجيه استثماراتهم.

وينبغي أن نذكر كذلك الهيئات الحكومية المختلفة وأجهزة الدولة المحددة التي تعتمد اعتمادا كليا على البيانات الحسابية في أغراض كثيرة نذكر منها التخطيط الإستراتيجي التنفيذ والإشراف والمراقبة على المؤسسات التي لها مساس بالمرافق العامة و الصالح العام وفرض الضرائب المختلفة وتحديد الأسعار بعض السلع والخدمات الضرورية لعامة الشعب وتقدير المنح المختلفة ...

أهداف التدقيق:

هناك عدة أنواع من الأهداف لكن أهمها هي: الأهداف تقليدية، والأهداف حديثة أو متطور

الأهداف التقليدية:

     هي بدورها تتفرع إلى أهداف رئيسية و أهداف فرعية كما يلي :

الأهداف رئيسية :

  • التحقق من صحة ودقة وصدق البيانات المحاسبية المثبتة في دفاتر المؤسسة ومدى الاعتماد عليها ؛
  • إبداء رأي محايد و مستقل يستند على أدلة قوية عن مدى مطابقة القوائم المالية للمركز المالي.

 الأهداف فرعية:

  • اكتشاف ما قد يوجد بالدفاتر والسجلات من أخطاء أو تدليس؛
  • تقليص فرص ارتكاب الأخطاء والغش مع وضع إجراءات تمنع حدوثها.
  • اعتماد الإدارة عليها في تقرير و تخطيط السياسات الإدارية واتخاذ القرارات لتحقيق هذه الأهداف.
  • طمأنة مستخدمي القوائم المالية وتمكينهم من اتخاذ القرارات المناسبة مستقبلا.
  •  مساعدة إدارة الضرائب في تحديد مبلغ الضريبة المستحقة فعلا.
  • تقديم التقارير المختلفة وملأ الاستمارات للهيئات الحكومية لمساعدة المدقق.

الأهداف الحديثة المتطورة:

هناك بعض الأهداف ظهرت حديثا مع التطور الاقتصادي السريع مثل:
  • مراقبة الخطط ومتابعة تنفيذها ومدى تحقيق الأهداف وتحديد الانحرافات وأسبابها وطرق معالجتها؛
  • تقييم نتائج الأعمال ومدى توافقها مع الخطة المرسومة؛
  • تحقيق أقصى كفاية إنتاجية ممكنة عن طريق منع الإسراف في جميع نواحي النشاط.
  • تحقيق أقصى قدر من الرفاهية لأفراد المجتمع؛

كما تجد الإشارة إلى بعض الأهداف الأخرى مثل:
  • التأكد من صحة القيود المحاسبية و معنى ذلك خلوها من الأخطاء أو التزوير، والعمل على استكمال المستندات المثبتة لصحة العمليات والمؤيدة للقيود المسجلة محاسبيا.
  • التأكد من صحة عمل الحسابات الختامية وخلوها من الأخطاء الحسابية سواء المعتمدة أو الناتجة عن الإهمال و التقصير؛
  • دراسة الطرق المتبعة في أداء العمليات ذات المالية والإجراءات الخاصة بها لأن التدقيق المحاسبي او مراجعة الحسابات تبدأ بالتأكد من صحة هذه النظم.
ومن خلال هذه الأهداف العامة لعملية التدقيق يمكن استخراج المعايير و المبادئ التالية:

أولا: الشمولية :

نقصد بهذا المعيار أن كل العمليات التي حققتها المؤسسة هي مشمولة في الوثائق والقوائم المالية أي أن كل عملية قد تم تسجيلها وتقيدها عند حدوثها في وثيقة أولية تسمح فيما بعد من تسجيلها محاسبيا، للعلم عدم وجود أي وثيقة ثبوتية يجعل من المستحيل تحقيق معيار الشمولية في التسجيلات المحاسبية.

ثانيا : الوجود :

هو أن كل العمليات المسجلة لها وجود المادي ونقصد بمبدأ الوجود أن كل العناصر المادية و الملموسة في المؤسسة ( استثمارات، مخزونات ) لديها حقيقة مادية بالنسبة للعناصر الأخرى ( الديون، النفقات، الإيرادات ) يتأكد المراجع أيضا من وجودها أي من واقعيتها بحيث لا تمثل حقوقا أو ديوانا أو إيرادات أو نفقات وهمية.

ثالثا : الملكية :

نقصد بمبدأ الملكية أن كل الأصول التي تظهر في الميزانية هي ملك للمؤسسة فعلا أي هناك مستندات قانونية تثبت تلك الملكية بحيث لم تدمج في الأصول عناصر ليس ملكا للمؤسسة لكنها موجودة في الخارج قد تم تسجيلها أيضا، تعتبر كل الحقوق التي ليست ملك للمؤسسة كالتزامات خارج الميزانية ولابد أن تقيد في دفاتر خاصة تبين طبيعتها، حيث إذ لم تكن الملكية خاصة بالمؤسسة فلا يحق لها تسجيلها في الوثائق المحاسبية ومن حق المراجع أو المدقق التأكد من صحة الملكية بكل الوسائل الممكنة مثل العقود أو الفاتورات.

رابعا : التقييم:

معنى هذا المبدأ هو أن كل العمليات التي تمت قد تم تقيمها طبقا للمبادئ المحاسبية المتعارف عليها وأن سياسة التقييم طبقت بصفة ثابتة و لم تتغير دورة إلى أخرى إلا إذا كن ذلك التغيير مبررا.

خامسا : التسجيل المحاسبي :

نقصد بهذا المبدأ أن كل العمليات قد تم جمعها بطريقة صحيحة كما تم تسجيلها وتركيزها باحترام المبادئ المحاسبية المتعارف عليها وباعتماد طرق ثابتة من دورة إلى أخرى، ونقصد بالتسجيل أن كل العمليات سجلت في حسابها الصحيح.

تطور دور وأهداف التدقيق تاريخيا:

  • قبل عام 1900ميلادي  كان الهدف من التدقيق هو اكتشاف التلاعب و التزوير و الأخطاء ، ولذلك كان عملية التدقيق مفصلة بسبب عدم وجود نظام للرقابة الداخلية في المؤسسات. 
  • من 1905 إلى 1940 كان الهدف من التدقيق هو معرفة  مدى صحة وسلامة المركز المالي للمؤسسة بالإضافة إلى اكتشاف التلاعب والأخطاء و هنا في هذه الفترة اصبح الاهتمام بالرقابة الداخلية اكبر.
  • من 1940 إلى 1960 اصبح الهدف من التدقيق تحديد مدى سلامة المركز المالي وصحته حيث تم التحول نحو التدقيق الاختباري الذي يعتمد على متانة وقوة نظام الرقابة الداخلية للمؤسسة. 
  • من 1960 حتى وقتنا الحاضر أضيفت أهداف عديدة منها ما يلي:
    1. مراقبة الخطط ومتابعة تنفيذها والتعرف على ما حقق من أهداف، ودراسة الأسباب التي  حالت دون الوصول إلى الأهداف المحددة.
    2. تقييم نتائج الأعمال بالنسبة إلى الأهداف المسطرة.
    3. تحقيق أقصى قدر من الرفاهية لأفراد المجتمع.
    4. القضاء علي الإسراف من خلال تحقيق أقصي كفاية إنتاجية ممكنة في جميع نواحي النشاط؛
    5. تخفيض خطر التدقيق وذلك لصعوبة تقدير آثار عملية التدقيق علي العميل أو المنشآت محل التدقيق.

مبادئ التدقيق المحاسبي وأنواعها:

    التدقيق مبني على ركنين أساسيين و المتمثلان في ما يلي:

  • ركن الفحص
  • ركن التقرير

مبادئ المراجعة:

 ونقسم هذه المبادئ إلى ركنين (الفحص والتقرير)

أولا: المبادئ المرتبطة بركن الفحص

مبدأ التكامل: يعني المعرفة التامة بطبيعة أحداث المنشأة وأثرها الفعلية المحتملة على كيانها.
مبدأ الشمول في مدى الفحص الاختباري: يعني أن يشمل مدى الفحص جميع أهداف المنشأة الرئيسية والفرعية و كذلك جميع التقارير المالية المعدة بواسطة المنشأة مع مراعاة الأهمية النسبية لهذه التقارير.
مبدأ الموضوعية في الفحص: نشير إلى ضرورة الإقلال إلى أقصى حد ممكن من التقدير الشخصي وذلك بالاستناد إلى العدد الكافي من أدلة الإثبات التي تؤيد رأى المدقق وتدعمه خصوصا اتجاه العناصر والمفردات التي تعتبر ذات أهمية كبيرة نسبيا كتلك التي يكون احتمال حدوث الخطأ أكبر من غيرها.
مبدأ فحص مدى الكفاية الإنسانية: نشير إلى وجود فحص مدى كفاية الإنسانية في المنشأة بجانب فحص الكفاية الإنتاجية لمالها من أهمية في تكوين الرأي الصحيح لدى المدقق عن أحداث المنشأة وهذه الكفاية هي مؤشر للمناخ السلوكي لها وهو تعبير عن ما تحتويه المنشأة من نظام للقيادة والسلطة والحوافز والاتصال والمشاركة.

    ثانيا: المبادئ المرتبطة بركن التقرير:

    مبدأ كفاية الاتصال: يشير إلى مراعاة أن يكون تقرير مدقق الحسابات أداة لنقل العمليات الاقتصادية للمنشأة لجميع المستخدمين لها بصورة حقيقية تبعث على الثقة بشكل يحقق الأهداف المرجوة من إعداد هذه التقارير
    مبدأ الإفصاح: يشير إلى مراعاة أن يفصح المدقق عن كل ما من شأنه توضيح مدى تنفيذ الأهداف للمنشأة، ومدى التطبيق للمبادئ والإجراءات المحاسبية والتغير فيها,وإظهار المعلومات التي تؤثر على دلالة التقارير المالية, وإبراز جوانب الضعف في أنظمة الرقابة الداخلية والمستندات والدفاتر والسجلات .
    مبدأ الإنصاف: يشير إلى مراعاة أن تكون محتويات تقرير المدقق، وكذا التقارير المالية منصفة لجميع المرتبطين والمهتمين بالمنشأة سواء داخلية أو خارجية:
      مبدأ السببية: يشير إلى مراعاة أن يشمل التقرير تفسيرا واضحا لكل تصرف غير عادي يواجه به المدقق، وأن تبنى تحفظاته ومقترحاته على أسباب حقيقية وموضوعية.

      أنواع التدقيق المحاسبي:

      هناك عدة أنواع من التدقيق تختلف حسب المنشأة و الهدف أو وقت التدقيق و منه نعرض ما يلي:

      من حيث طبيعة المنشأة المراد التحقق منها:

      ينقسم التدقيق هنا إلى نوعيين حسب ما يلي :

      التدقيق في المؤسسات العمومية:

      تنصب المراجعة العامة على المنشأة ذات الصفة الحكومية أو غير الحكومية في حد ذاتها والتي تخضع لقواعد الحكومة الموضوعة، أما الأموال المستغلة في هذه المنشأة لها صفة عمومية وتمتلكها الدولة ولها صفة رقابة مباشرة عليها، كما تقيد المصالح الحكومية حساباتها بطريقة خاصة تختلف عن تلك المتبعة في المنشآت التجارية أو الصناعية، إلا أن طريقة المراجعة واحدة في كلتا الحالتين وبصدور قانون يوليو 1961م (عهد الاشتراكية) انتقل عدد كبير من الشركات المساهمة إلى الملكية العامة بالرغم من احتفاظ هذه الشركات بصفتها القانونية وأصبح للدولة حق الرقابة عليها، وقد ترتب عن إصدار قانون رقم129 لسنة 1964م بشأن الجهاز المركزي مراجعة حسابات المؤسسة والهيئات العامة وما يتبعها من شركات وجمعيات ومنشآت، لأن انتقال المراقبة من مراقبي الحسابات الخاصين بجهاز مركزي يقتضي فترة انتقال، فإن القانون نص على جواز تعيين مراقبي الحسابات من بين من يزاولون المهنة خارج القطاع العام حتى يتم تشكيل إدارة خاصة بهذا الجهاز.

      التدقيق في الشركات الخاصة: 

      هي مراجعة المنشآت التي تكون ملكيتها للأفراد سواء شركات الأموال أو شركات الأشخاص أو منشآت فردية أو جمعيات ونوادي وسميت بالمراجعة الخاصة لأن الذي يمتلك رأس المال المحدود هو من الأفراد، فهناك عدة أشخاص في شركات المساهمة وفرد واحد في المؤسسات الفردية، وتختلف علاقة المراجع بأصحاب هذه المنشآت، وذلك حسب طبيعة العقد الموجود بينهما وحسب درجة الالتزام، فشركات المساهمة مثلا ملزمة بتعين مدقق خارجي ليراجع لها حساباتها وأوراقها الختامية والعكس لشركة ذات الفرد الواحد الذي له أن يختار المراجع والمهمة المسندة إليه.

        أنواع التدقيق من حيث نطاق عملية التدقيق:

        نتطرق إلى نوعين من عملية التدقيق

        المراجعة الكاملة أو التدقيق الكامل:

        كان التدقيق قديما وحتى عهد قريب يتم بفحص جميع العمليات المقيدة بالدفاتر والسجلات وما تتضمنه من بيانات أو حسابات خالية من الأخطاء والتلاعب والغش أي تدقيق كامل تفصيلي، إذ كانت المشاريع صغيرة وعملياتها قليلة وكنتيجة لتطور ميادين الصناعة والتجارة وما صاحبها من تعدد المشاريع وكبر حجمها أصبح التدقيق مستحيلا ومكلفا وغير عملي لما يتطلبه من جهد كبير ووقت طويل، مما أدى إلى تحول هذا التدقيق إلى تدقيق كامل اختياري وقد ساعد هذا الاتجاه على زيادة اهتمام المشاريع بأنظمة الرقابة الداخلية وأدواتها وتحقيق نظام دقيق متين لها ،حيث أصبحت كمية الاختيارات وحجم العينة تتوقف على مدى مكانة ودقة أنظمة الرقابة الداخلية، فالفرق بين الكامل التفصيلي والكامل الاختياري يقتصر على نظام التدقيق فقط وليس بالأصول والمبادئ المحاسبية.

        التدقيق الجزئي أو المراجعة الجزئية :

        هي العمليات التي يقوم بها المدقق وتكون محدودة الهدف أو موجهة لغرض معين كفحص العمليات النقدية خلال فترة معينة أو فحص حسابات المخازن و التأكد من جرد المخزون.

        ويهدف هذا النوع إلى الحصول على التقرير المتضمن خطوات التي اتبعت والنتائج التي توصل إليها الفحص ولا يهدف إلى الحصول على رأي فني محايد على مدى عدالة القوائم المالية ومدى دلالتها للمراكز المالية ونتيجة الأعمال كما هو في التدقيق الكامل، ويجب على المدقق في التدقيق الجزئي الحصول على عقد كتابي يوضح المهمة المطلوب قيامه بها ليحمي نفسه ولا ينسب إليه تقصيره في الأداء.

        التدقيق من حيث حتمية القيام بالمراجعة :

        هنا أيضا نجد نوعين:

        المراجعة الإلزامية:

        تتميز المراجعة الإلزامية بوجود عنصر الجبر والإلزام ومن تم يمكن الجزاء على المخالفين لأحكامها وكذلك يجب أن تتم المراجعة وفقا لقواعد ونصوص وإجراءات المنصوص عليها وعلى المراجع أن يتحقق من أن عملية تعيينه لم تتم بمخالفة الأحكام القانونية.

        وفي ضوء هذه المراجعة فإن المراجع يؤدي عمله بالطريقة التي يراها مناسبة وضرورية كما أنه لا يجب أن توضع أية قيود أو حدود على المراجع أثناء تأديته لواجباته حتى ولو كانت هذه القيود واردة في القوانين التنظيمية للمؤسسة، وفي صورة قرارات صادرة عن الجمعية العامة للمساهمين تعتبر مثل هذه القيود كأنها لم تكن في مواجهة المراجع الذي يعتبر مسؤول إذا ما رضخ لهذه القيود.

        المراجعة الاختيارية:

        في حقيقة الأمر إن مراجعة الحسابات الاختيارية تقرير القيام بها يرجع إلى أصحاب المؤسسة أنفسهم وإلى غيرهم من أصحاب المسألة والمصلحة فيه، وبناء ذلك فإن عملية تعيين مراجع الحسابات في المشروعات الفردية أو شركات الأشخاص يرجع إلى أصحاب المؤسسة وفي بعض أنواع الشركات مثلا شركة الأموال فإن أمر تعيين مراجع الحسابات إلزامي بناء على النصوص والتشريعات الصادرة عن الدولة. ويرجع ذلك إلى الدور الذي تلعبه المؤسسات في الاقتصاد القومي، وبناء على ذلك فإنه يتعين إسناد عملية مراجعة الحسابات لمراجع مستقل لشركات الأموال سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص.

        من حيث وقت عملية التدقيق:

        التدقيق النهائي:

        يقصد به بداية التدقيق في نهاية الفترة المالية للمنشأة، بعد أن تكون الدفاتر قد أقفلت وقيود التسوية قد أجريت والقوائم المالية قد أعدت، ويمتاز هذا النوع بضمان عدم حدوث أي تعديل في البيانات المثبتة في الدفاتر والتغير في أرصدة الحسابات بعد تدقيقيها حيث تبدأ عملية التدقيق بعد ترصيد الحسابات وإقفال الدفاتر.

          التدقيق المستمر:

          يقصد به قيام عملية التدقيق والفحص بصفة مستمرة إذ يقوم المدقق أو مندوبه بزيارة المنشأة بفترات متعددة خلال السنة المالية لتدقيق وفحص البيانات المثبتة بالدفاتر والسجلات، بالإضافة إلى التدقيق النهائي للقوائم المالية في نهاية السنة المالية بعد ترصيد الحسابات وإقفال الدفاتر.

          يتم هذا النوع ويسير وفق برنامج مرسوم يعده ويجهزه المدقق على ضوء دراسته وتقييمه لأنظمة الرقابة الداخلية.

          أنواع التدقيق من حيث الهدف :

          ينقسم هذا التدقيق إلى أربعة أنواع هي:

            التدقيق المالي:

            يتعلق هذا النوع من التدقيق بفحص أنظمة الرقابة الداخلية وسجلات المستندات المحاسبية بقصد إعطاء رأي مستقل عن مدى دلالة الميزانية على المركز المالي الحقيقي للمشروع وعن مدى إظهار الحسابات الختامية للنتائج الفعلية لهذا المشروع.

            التدقيق الإداري:

            من أجل تدقيق الكفاءة الإنتاجية للإدارة،على المدقق أن يتأكد من أن أموال المشروع يتصرف فيها بشكل اقتصادي. بحيث يحصل على أحسن أو أفضل منفعة لأقل تكلفة ممكنة ويتضمن هذا النوع من التدقيق التأكد من صحة الإجراءات الإدارية ومن الرقابة المالية على التكلفة.

            تدقيق الأهداف:

            يهدف هذا النوع إلى التعرف فيما إذا كان المشروع قد حقق الأهداف التي تأسس من أجلها وتعني التدقيق القانوني وهو تأكد المدقق من أن المنشأة طبقت نصوص الأنظمة التي تصدرها الدولة، فمثلا على مدقق الحسابات التأكد من تطبيق الشركات لقانون الشركات رقم 14 الصادر 1964 وتعديلاته، بالإضافة إلى ذلك فإنه على المدقق التأكد من تقيد الشركة بنظامها الداخلي وعقد تأسيسها.

            التدقيق الاجتماعي:

            التأكد من أن المنشأة قد حققت أهدافها الخاصة والأهداف العامة تجاه البلد الذي تعمل به. فشركة المساهمة مثلا تسعى إلى تحقيق الأرباح وفي نفس الوقت عليها مراعاة تحقيق الأهداف الاجتماعية والصحيحة للمجتمع الذي تعمل لخدمته.

            التدقيق من حيث استقلاليتها وحيادها:

            يتضمن هذا النوع من التدقيق نوعين منها:

            المراجعة الداخلية:

             تعرف المراجعة الداخلية بأنها الفحص المنظم للمشروع ودفاتره وسجلاته بواسطة جهة داخلية أو مراجعين تابعين كموظفين للمشروع، ولعل السبب في نشأة هذا النوع من المراجعة يرجع أساسا إلى كبر حجم المشروعات وتعدد وتنوع عملياتها المالية وكذا الابتعاد التدريجي للإدارة العليا للمشروع عن تفاصيل تنفيذ السياسات والخطط الموضوعة، الأمر الذي استلزم وجود إدارة وقائية ورقابية تضمن التحقق من عمليات المشروع وجديتها فور إتمامها أو حدوثها.
              ويهدف هذا النوع من المراجعة إلى تحقيق أكبر كفاية إدارية وإنتاجية ممكنة للمشروع عن طريق محو الإسراف واكتشاف أخطاء التلاعب في الحسابات والتأكد من صحة البيانات التي تقدم للإدارة لتسترشد بها في رسم خططها واتخاذ قراراتها ومراقبة تنفيذها، إلا أن وجود قسم إدارة داخلية للمراجعة بالمؤسسة لا يغني عن تكليف المراجع الخارجي بفحص ومراجعة حسابات، فالطريقة التي ينفد بها المراجع الخارجي عمله تختلف عن الطريقة التي يتبعها المراجع الداخلي.

              المراجعة الخارجية:

              تقوم بها جهة مستقلة من خارج المؤسسة وقد تكون مكتب من مكاتب المحاسبة والمراجعة بالنسبة لمؤسسات القطاع الخاص والجهاز المركزي بالنسبة للقطاع العام.حيث أن الوظيفة الأساسية للمراجع الخارجي هي فحص مستندي لدفاتر وسجلات المؤسسة فحصا فنيا دقيقا ومحايدا للتحقق من أنها قد تمت فعلا في إطار إجراءات سليمة وصحيحة تثبت جديتها.
              إن عمل المراجع الخارجي لا يقتصر على تحقيق الهدف السابق فحسب بل يتعداه ليشمل إبداء الرأي في نظام الرقابة الداخلية أو بيان مدى تنفيذ السياسات الموضوعة للمؤسسة أو فحص لغرض خاص مثل شراء المؤسسة أو إدماج المؤسسة، والمراجعة الخارجية تقع عادة في نهاية المدة المالية كما أنها شاملة وكاملة حيث أن المراجع يعمل دون قيد ويتطلع على ما يريد متى ما شاء وهي إلزامية تفرضها القوانين إلا أنها اختيارية أي تتم عن طريق عينة من كل نوع من أنواع العمليات المالية ومراجعتها دون القيام بمراجعة العمليات كلها. وختاما فإن تقرير المراجع الخارجي يرد نتيجة المراجعة وعادة ما يكون موضع ثقة وتقدير لما يتمتع به من استقلال وحياد وعلم وخبرة ودراية وهو بالطبع مسؤول عما يتضمنه التقرير من بيانات وحقائق مالية وآراء مسؤولة على ذلك تحددها القوانين السائدة والمعمول بها.

              أنواع التدقيق  حسب الاهتمام:

              وهي نوعين:

              المراجعة المالية و المحاسبية:

              وهي أيضا تنقسم إلي نوعين:

              المراجعة القانونية:

              هي مراجعة الحسابات الإجبارية بمقتضى القانون الذي يلزم كل مؤسسة تجارية على تعيين محافظ الحسابات لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. يقوم هذا المراجع المخول قانونا و المسجل في قائمة المراجعين القانونيين بتهمته التي ستنتهي بإصدار تقرير سنوي يتضمن ملاحظاته على حسابات المؤسسة ورأيه الفني المحايد بالمصادقة أو الرفض والتي هي حكم على سلامة وصراحة الحسابات السنوية للمؤسسة (الميزانية, جدول حسابات النتائج والجرد )، هذا النوع من الحسابات يتم عن طريق عمليات صبر الآراء أي أن التدقيق ليست شاملة لكل حسابات المؤسسة ولكل أنظمتها كون هذه المهمة مكلفة، وهي خارج نطاق ما يطلب من محافظ الحسابات.

              المراجعة التعاقدية:

              هي مراجعة يقوم بها مراجع مهني في إطار تعاقدي و الفحص هو تطهير الحسابات أي الحصول على حسابات واقعية وصحيحة أي الوصول إلى ميزانية جديدة وتعتمد هذه الطريقة في حالة وجود أخطاء كثيرة في الميزانية تمس بمصداقيتها ولا يكون بإمكان الإطارات المالية في المؤسسة المشغولين بالمهام الروتينية بعمليات البحث والتنقيب فتلجأ إلى طرف خارجي مختص بهذا العمل ويتطلب عدة سنوات لأنها مراجعة شاملة لمحاسبة المؤسسة ومحاولة تفسير كل  الحسابات بالرجوع إلى تاريخ المؤسسة ثم اقتراح الحلول والتعديلات للوصول إلى القوائم الصحيحة.

              المراجعة العملية:

               نشأة بعد المراجعة المالية و المحاسبية يتعلق الأمر بمراجعة أنظمة وإجراءات تسير المؤسسة والحكم على مدى فعاليتها وتحقيقها ولا يتعلق الأمر بمراجعة الحسابات.
              المراجعة المالية والمراجعة العملية يتكاملان فيما بينهما بحيث أن نجاع التسيير ورشاد القرار يتعلق بجودة المعلومات المالية المعتمد عليها وفعالية وكفاءة أنظمة إجراءات التسيير.

              يمكنكم الاطلاع موضوع حول قائمة الدخل من هذا الرابط.

              نتمنى أن يكون الموضوع مفيدا ،إذا كان هناك أي تصحيح أو اقتراح لا تتردد في إرساله أو وضعه في التعليقات و شكرا.

              تعليقات



              حجم الخط
              +
              16
              -
              تباعد السطور
              +
              2
              -